بنكهة السياسة، اختلطت مباراة كرة القدم التي جمعت بين المنتخبين المصري والإثيوبي في تصفيات أمم أفريقيا 2023، وفاز فيها الأخير بهدفين مقابل لا شيء، بأزمة سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، ويثير مخاوف القاهرة في شأن حصتها المائية من نهر النيل.

وجاءت المباراة مساء أمس الخميس في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا توتراً متصاعداً بسبب سد النهضة، وأثارت جدلاً وسخرية بين رواد مواقع التواصل في مصر، رداً على المستوى الذي أبداه لاعبو المنتخب الوطني طوال المباراة، إذ شبّه البعض المباراة بما وصلت إليه أزمة السد المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمان بين البلدين، حيث تصر أديس أبابا على مواقفها في بناء السد دون الالتفات لمخاوف دولتي المصب (مصر والسودان).

خسارة كروية

تعرّض المنتخب المصري لكرة القدم، أمس الخميس، للخسارة المفاجئة على يد نظيره الإثيوبي، في المباراة التي جمعتهما باستاد بينغو الدولي في مدينة ليلونغوي عاصمة مالاوي، ضمن مباريات الجولة الثانية من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس أمم أفريقيا 2023، التي من المقرر أن تستضيفها كوت ديفوار، بين 14 يونيو (حزيران) و14 يوليو (تموز)، من العام المقبل.

خسارة منتخب الفراعنة أسقطته لتذيل المجموعة الرابعة بفارق الأهداف خلف إثيوبيا المتصدرة، ثم مالاوي الوصيفة، وغينيا صاحبة المركز الثالث، ولكل منها ثلاث نقاط.

وكان المنتخب المصري قد فاز في أولى مباريات التصفيات بقيادة مدربه الوطني إيهاب جلال، بنتيجة 1-0 على غينيا، الأحد الماضي.

وكانت مباراة الفوز على غينيا، هي الأولى لجلال في مقعد القيادة الفنية للمنتخب المصري، حيث لم تسبقها أي مباريات ودية تحضيرية، نظراً إلى توليه مهامه في فترة ختام موسم 2021-2022، وسط ضغط المنافسات.

أزمة رياضية في القاهرة

وبعد الخسارة القاسية من منتخب إثيوبيا صاحب التصنيف العالمي القليل، تعالت الأصوات الإعلامية والجماهيرية مطالبة بإقالة جلال، خوفاً من فقدان فرصة التأهل للنهائيات القارية.

واجتمع مجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم، اجتماعاً طارئاً، لمناقشة تداعيات الهزيمة، ومناقشة تقرير المدير الفني إيهاب جلال.

وذكرت تقارير صحافية مصرية أن الاتجاه داخل مجلس إدارة اتحاد الكرة هو إقالة جلال، وتعيين مدير فني أجنبي مرة أخرى.

وكان الاتحاد المصري لكرة القدم، أعاد مقاليد إدارة المنتخب الوطني، إلى مدير فني وطني بتعيين جلال، البالغ من العمر 54 سنة، خلفاً للبرتغالي كارلوس كيروش، الذي رحل عن تدريب الفراعنة، على خلفية الفشل في التأهل لنهائيات كأس العالم 2022.

إقالة جلال إن تمت بالفعل بعد الخسارة من إثيوبيا، ستجعل من فترته إحدى أقصر فترات تدريب منتخب مصر بعقد دائم، في الألفية الحالية.

ومنذ مطلع الألفية الجديدة، توالى 12 جهازاً فنياً على قيادة منتخب مصر بعقود دائمة، ويمتلك الفرنسي جيرارد جيلي أقصر فترة تدريبية، حيث بقى في منصبه لفترة 107 أيام، خاض خلالها سبع مباريات فقط، ثم من بعده الإيطالي ماركو تارديلي الذي قاد المنتخب المصري في تسع مباريات، وفي المركز الثالث يأتي المدربان الوطنيان شوقي غريب وحسام البدري برصيد تسع مباريات.

سد النهضة يعود للواجهة

في الأثناء، تصدرت المباراة ونتيجتها مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وعادت معها أزمة سد النهضة المثير للجدل بين القاهرة وأديس أبابا، لا سيما أن المباراة جاءت في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدين توتراً متصاعداً بسبب سد النهضة، الذي بلغت تكلفة إنشائه أكثر من أربعة مليارات دولار، وتسبب، منذ الشروع في إنشائه عام 2011 في أزمة بين إثيوبيا ودولتي المصب (مصر والسودان).

وبين السخرية والتهكم والتساؤل، أبدى المغردون ورواد مواقع التواصل انتقاداً لأداء المنتخب الوطني، وشبّه بعضهم الأمر بأزمة سد النهضة.

وفيما كتب سعيد راغب، على صفحته على "تويتر" قائلاً، "الحمد لله أننا لم نلاعبهم على سد النهضة كان زمانّا بنتيمّم (نتوضأ بلا ماء)"، طالب محمود حمودة، بـ"إسقاط طائرة المنتخب على سد النهضة"، معتبراً أنه بذلك "نكون أصبنا هدفين بحجر واحد".

من جهته، رأى مجدى سليم، أن ما يدعو للتساؤل، هو "أن عدد المصريين المتفاعلين والحزانى لنتيجة مباراة كرة القدم بين مصر وإثيوبيا أكثر من المصريين المتفاعلين مع أزمة السد"، بينما سخر عبد الباري الطويبي، قائلاً إن "سد النهضة فاز على السد العالي"، في إشارة إلى أحد أكبر السدود التي بنتها مصر على ممر نهر النيل في جنوب البلاد، وهو السد العالي.

وتقول أديس أبابا، إن سد النهضة مشروع حيوي لنهضة البلاد الاقتصادية، ومصدر أساسي للطاقة اللازمة لمشروعات التنمية، وتخشى القاهرة من أن يؤثر السد على كمية المياه المتدفقة إليها.

وطوال السنوات الأخيرة فشلت جولات عديدة من المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان في التوصل إلى حلول تُرضي جميع الأطراف، حيث تطالب مصر والسودان باتفاق ملزم في شأن ملء وتشغيل السد.